-A +A
حاوره: فهيم الحامد (رابغ)
منظمة التعاون الإسلامي هي المظلة الرئيسية لمناقشة قضايا الامة الاسلامية وازماتها المستفحلة والمزمنة من بداية ازمات الربيع العربي والقدس وكشمير للصومال وافغانستان ومالي وانتهاء بالقضية الفلسطينية. وتضع المنظمة التي تعتبر ثاني اكبر منظمة في العالم بعد الامم المتحدة، قضية القدس والمسجد الاقصى في اولوياتها باعتبار ان هاتين القضيتن هما السبب وراء إنشائها .. والسؤال هل نجحت المنظمة في إيجاد حلول للقضايا التي تواجهها الامة وخاصة قضية القدس والاقصى وهل تملك المنظمة الحل لهذه القضايا؟.. (عكاظ) اجرت حوارا شاملا مع السفير عبدالله عالم مساعد الامين العام للمنظمة للشؤون السياسية الذي تم التجديد له لفترة ثانية مؤخرا، حيث أكد ان قضية القدس والاقصى لاتزال تحظى باهتمامنا الأول. واوضح أن مشاركة المنظمة في مؤتمر جنيف 2 سيساعد المجتمع الدولي في الوصول لحل الأزمة ومؤكدا ان نظام الاسد لم يستجب للمطالب المشروعة للشعب وتبنى خيار الحل العسكري. ونفى ان تكون المنظمة غائبة عن ما يدور في ليبيا قائلا «المنظمة تدعم وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها وتتابع باهتمام التطورات السياسية في إعادة بناء الدولة الليبية على أساس ديمقراطي».

• بداية.. قضية القدس والمسجد الأقصى تعتبر جوهر الصراع العربي الإسرائيلي والسبب الرئيسي في إنشاء المنظمة. وللأسف أن الربيع العربي وضع هذه القضية في دائرة النسيان .. ما هي الجهود التي تبذلونها لاستعادة الحقوق الفلسطينية؟
- ما زالت القضية الفلسطينية تحظى باهتمامنا الأول وتتصدر جدول أعمالنا، حيث تعمل المنظمة دائما في المحافل الدولية من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني ومقدساته وكذلك حشد الدعم السياسي لصالح الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني. ولقد واصلت المنظمة تحركاتها الدبلوماسية، لاسيما على مستوى الأمم المتحدة حيث نعمل على توسيع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، علاوة على ذلك كان للجهود التي تبذلها المنظمة بالغ الأثر في نيل دولة فلسطين العضوية الكاملة في اليونسكو والاعتراف بها كدولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
• الازمة السورية لا تزال تراوح مكانها. وتحرك المنظمة بطيء تجاهها.. هل ستشارك المنظمة في مؤتمر جنيف 2 المقبل؟
- لابد من التذكير بموقف المنظمة منذ اندلاع الأزمة السورية حيث دعت النظام السوري للاستجابة لتطلعات الشعب السوري في التغيير إلا انه وبكل أسف لم يستجب النظام لهذه المطالب المشروعة وتبنى خيار الحل العسكري الذي نتج عنه سقوط ما يزيد على مائة ألف قتيل من الأبرياء . ولا شك أن مشاركة المنظمة في مؤتمر جنيف 2 سيساعد المجتمع الدولي في الوصول لحل الأزمة نظرا لثقل المنظمة التي تمثل مليار وستمائة ألف مسلم. كما ان هناك أطرافا دولية متعددة تسعى إلى دعم مشاركة المنظمة في مؤتمر جنيف 2 .
• أين المنظمة من المبادرات التي تدعم إعادة الاستقرار إلى ليبيا، ولماذا هذا الغياب؟
- ليس هناك غياب .. والمنظمة تدعم وحدة ليبيا وامنها واستقرارهاو تتابع باهتمام كبير التطورات السياسية في إعادة بناء الدولة الليبية على أساس ديمقراطي، بعد أن تخلص الشعب من نظام الحكم الاستبدادي كما تدعم عملية البناء والاستقرار السياسي واستتباب الأمن في ليبيا والحفاظ على وحدتها لبناء دولة القانون.


تقرير مصير الكشميريين
• ما زال الكشميريون يعانون باعتبار هذا الملف من الملفات التي تتعاملون معها مباشرة هل هناك تواصل مع الهند والباكستان لإيجاد حل لها؟
- للمنظمة موقف ثابت من نزاع جامو وكشمير حيث أصدرت عدة قرارات دعت فيها إلى إيجاد تسوية سلمية للقضية وفقا لقرارات الأمم المتحدة كما دعت الهند إلى الوقف الفوري لانتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان للشعب الكشميري. وتدعم المنظمة الشعب الكشميري في ممارسة تقرير مصيره وفقا لما نصت عليه قرارات مجلس الأمن. وأتوجه الدعوة للسلطات الهندية للانفتاح والتفاعل إيجابيا مع مطالب الشعب الكشميري والعمل بجدية على إيجاد حل دائم ومستديم لهذا النزاع المزمن.
وبصفتي المبعوث الخاص للمنظمة لجامو وكشمير، قمت مؤخرا على بزيارة إلى إسلام أباد وإقليم آزاد جامو وكشمير، حيث اطلعت ميدانيا على الأوضاع الإنسانية التي لا أستطيع أن أصفها بنعت آخر سوى باللا إنسانية.
• هل لا زال الطلب الهندي للحصول على عضوية مراقب في المنظمة مطروحا؟
- لابد من التذكير بأنه وفقا لميثاق المنظمة تمنح صفة المراقب في المنظمة لدولة عضو في الأمم المتحدة بقرار من وزراء الخارجية وبتوافق الآراء وعلي أساس المعايير المتفق عليها . وقد لاحظنا خلال السنوات الأخيرة أن عددا كبيرا من الدول خاطبت المنظمة مبدية رغبتها في الانضمام للمنظمة بصفة المراقب حيث يتم عرضها على الدول الأعضاء لاتخاذ القرار المناسب وحسب علمي لم يكن من بينها طلب مقدم من الهند .

دعم اليمن
• يزداد الوضع سوءا في بعض مناطق اليمن، ما المساعي التي تقوم بها المنظمة في هذا الشأن؟
- في الواقع ان المنظمة اكدت دعمها الكامل والمستمر لوحدة الجمهورية اليمنية وسيادتها وسلامة أراضيها، ودعت جميع الدول الأعضاء إلى تقديم المساعدة اللازمة للعملية الانتقالية في اليمن كما كما دعمت المبادرة الخليجية وهى تتابع عن كثب وتدعم عملية إعادة تأسيس مؤسسات الدولة.
• أين المنظمة عن تطورات الأوضاع في الصومال؟
- بالرغم من بعض التحديات العالقة والوضع المتشعب فى الصومال فقد شهد الوضع العام تحسن مطردا منذ انتهاء المرحلة الانتقالية. وقد رحبت المنظمة بالتطورات الإيجابية في الصومال المتمثلة فى انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود وتشكيل الحكومة الجديدة، وهناك رغبة حقيقية من المنظمة فى مواصلة جهودها الخاصة بإعادة الأعمار في الصومال ومساعدة الحكومة على تطوير مؤسساتها الأمنية.
• هل تتابع المنظمة الوضع بين حكومتي السودان وجنوب السودان؟
- أؤكد بداية موقف المنظمة الثابت فى تضامنها الكامل مع السودان لصون أمنه وسيادته ورفضها لكل أوجه التدخل الخارجي في الشـأن السوداني. وفى إطار مساعينا لدعم السودان والوقوف على التطورات المختلفة في البلاد تعتزم المنظمة إيفاد وفد رفيه المستوى لزيارة للسودان في القريب العاجل إن شاء الله.
• لا زال الوضع في مالي ومنطقة الساحل يشكل قلقا في القارة الإفريقية والعالم الإسلامي.. ماهي رؤية المنظمة لحل قضايا تلك المنطقة؟
- في الواقع ان الوضع في مالي ومنطقة الساحل ظل يشكل مصدر قلق عميق للمنظمة بسبب آثاره واسعة النطاق التى تؤثر سلبيا على السلم في المنطقة. ونعتقد ان النجاح الذي تكللت به المرحلة الانتقالية وانتخاب حكومة جديدة على نحو أفضى إلى استعادة النظام الديمقراطي، قد منح مالي الفرصة لترسيخ أسس الديمقراطية والمصالحة .
• كيف تنظرون إلى الوضع في أفغانستان وما دور المنظمة في دعم استقرار أفغانستان بعد خروج القوات الأمريكية؟
- تدعم المنظمة عملية المصالحة الشاملة التي تقودها وترعاها أفغانستان لإيجاد حل سياسي يقوم على مبادئ نبذ العنف وقطع الصلة بكافة الجماعات الإرهابية. كما تدعم المنظمة إنشاء المجلس الأعلى للسلم وذلك من اجل إشراك جميع الأفغان في مبادرة بناء السلام واستمالة عناصر طالبان أفغانستان لتتخلى عن العنف وتقبل الدستور الأفغاني.
• ما هي جهود التي بذلتها المنظمة لمكافحة الإرهاب على مستوى العالم؟
- في الحقيقة ان الإرهاب يسعى لتدمير الروح الأساسية للمجتمع الإنساني، وأن دعاة الإرهاب لا يكنون أي احترام لحياة الإنسان أو كرامته. والمنظمة ظلت دائما على موقفها المبدئي القائم على تعاليم الإسلام، دين السلام والتسامح، والتي تعتبر الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره جريمة ضد الإنسانية.
• وحدة الأمن والسلم والوساطة في المنظمة، أين هي وما هي مشاريعها المستقبلية؟
- جاء إنشاء وحدة متخصصة للسلم والأمن والوساطة بمقر الأمانة العامة للمنظمة في جدة بهدف تعزيز هذه الوحدة ودور منظمة في مجال الوساطة والدبلوماسية الهادئة باعتبارهما من وسائل منع نشوب النزاعات وفضها. كما ستسعى هذه الوحدة إلى دعم جهود تكثيف استخدام المساعي الحميدة للامين العام والممثلين الخاصين وتطوير التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى. وستركز الوحدة في البداية على بناء قدراتها ثم بعد ذلك ستشرع في عملها .
• حقوق الأقليات المسلمة في العالم ضائعة خاصة أنها تعاني من عمليات الإبادة والقتل؟
- لقد أولينا قضايا المجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء كثيرا من الاهتمام والرعاية عبر العديد من المبادرات والمساعي الحميدة والمشاركة الفاعلة في حل المشاكل في كثير من الدول التي تحتضن أقليات مسلمة مثل الفيليبين، وتايلاند، ميانمار وغيرها من الدول وذلك في إطار احترام سيادة هذه الدول. وتتابع المنظمة مع حكومة ميانمار أوضاع مسلمي الروهينجيا وبعثت بوفد لتقصي الحقائق إلى ميانمار ضم الأمين العام للمنظمة ووزراء خارجية مجموعة الاتصال الخاصة الروهينجيا. وقد حققت هذه الزيارة نتائج إيجابية ستدعم التطلعات المشروعة لأقلية الروهينجيا المسلمة.
• أين وصل العمل في منظمة تنمية المرأة في الدول الأعضاء؟
- في إطار اهتمام المنظمة بالنهوض بالمرأة وتمكينها وبناء قدراتها بما يتفق والقيم الإسلامية فقد تم إنشاء منظمة تنمية المرأة في الدول الأعضاء في المنظمة وتم اختيار القاهرة لتكون مقرا للمنظمة. وقد وقعت علي النظام الأساسي حتى الان 17 دولة عضو في المنظمة وصادقت عليه ثلاث دول. ووفقا لأحكام هذا النظام فانه يدخل حيز التنفيذ بمصادقة 15 دولة وتقوم المنظمة بإجراء الاتصالات مع الدول الأعضاء لضمان دخول النظام حيز النفاذ في أسرع فرصة ممكنة.

مدني خير خلف
• مع نهاية فترة رئاسة البروفيسور إحسان أوغلي ماذا تقولون له، وماذا تقولون للأمين العام الجديد؟
- انوه بالدور الذي قام به الأمناء العامون السابقون للمنظمة. فكل أضاف وكل له بصمته حتى أصبحت المنظمة البيت الجامع لشعوب الأمة الإسلامية تتعامل مع تطلعاتها وتتجاوب مع قضاياها المصيرية وعلى رأسها قضية فلسطين والقدس الشريف. إلا أنه والحق يقال إن البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى نقل المنظمة من محيطها الداخلي إلى المحيط الدولي وأسهم كثيرا وبجهد حثيث ومساعٍ طيبة، في إشعاع المنظمة وتكريس دورها كثاني أكبر منظمة بعد الأمم المتحدة. كما كان له دور في ربط علاقات متينة بين المنظمة والعديد من المنظمات الدولية والإقليمية من خلال علاقاته وثقافته وحضوره البارز، حيث كان يقوم برحلات مكوكية لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد. ونحن على ثقة بالله بأن خلفه إياد أمين مدني، الذي يحمل معه إلى المنظمة خبرة ثرية ومعرفة عميقة في المجالات المختلفة سيكون خير خلف لخير سلف. وسيمكنه إلمامه الواسع وخلفيته المهنية من إبراز دور المنظمة على أرض الواقع فيما يخص قضايا الأمة الإسلامية والأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية بالمهنية والاحترافية العالية المشهود له بها.